يعتبر المال من المصالح الجوهرية التي تقتضي الحماية في القوانين الوضعية والشريعة الاسلامية، لان المال لاغنى عنه لاستمرار الحياة، والشريعة الاسلامية جعلت منزلة الذي يُقتل دفاعاً عن ماله شهيدا . ان الاستيلاء على اموال الافراد سواء كان بدون رضا المالك كالسرقة ، أو يكون برضاه باستخدام الغش أو الخداع أو التدليس أو خيانة الأمانة أو الاحتيال، ماسة بامان المجتمع واستقراره ،ولهذا فان الجرائم المالية تؤدي الى انهيار العديد من المجتمعات وتفككها وتخلفها.بسبب عجز المشرع وعدم جديته للوقاية منها. وما يساهم في زيادة الجرائم المالية هو اشاعة الفقر وانعدام التكافل وابتعاد المشرع الوضعي عن تاسيس قيم روحية في قلوب الافراد لبناء المجتمع بناء عقائديا رصينا على قاعدة المبادئ الاسلامية والايمان بالله.
ان التدابير الوقائية هي الاجراءات الجزائية التي تتخذ لغرض معالجة النزعة العدوانية للمجرم من اجل عدم تكراره ارتكاب الجريمة ، وهي نتيجة لذلك تهدف الى حماية المجتمع من الخطورة الاجرامية وحماية افراده ..وتتخذ نوعين من الاجراءات، تدابير وقائية شخصية و تدابير وقائية عينية، حيث نصت عليها المادة (١٠٤) من قانون العقوبات العراقي بأنها: "التدابير الاحترازية أما سالبة للحرية أو مقيدة لها أو سالبة للحقوق أو مادية.
حاول المشرع العراقي تطوير اساليب الوقاية من الجريمة المالية واصلاح السلوك الاجرامي وردع الجاني من خلال فهم الدوافع الاجرامية وكيفية معالجتها،الا ان ازدياد الجرائم المالية بشكل متسارع في العراق بسبب التحولات الاجتماعية والسياسية المتسارعة ،وانتشار الفقر والعوز والمرض والجهل ، الذي ساهم في الابتعاد عن النهج الاسلامي في التربية والتوجيه والعقاب ، جعل المشرع العراقي قلقا لذلك يطرأ على القوانين تغييرات مستمرة .وهذا ماجعلها تمتاز بعدم الثبات.
ان المشرع العراقي والتشريع الاسلامي تناول كل منهما الوقاية باساليب تتشابه في حالات وتختلف في حالات اخرى ،وهما يهدفان الى مواكبة تطور الجرائم المالية. ومن الاهمية في الوقت الحاضر ان نستثمر تلك المقارنات بين التشريع الاسلامي والتشريع العراقي،وصولا الى وقاية فاعلة تنسجم مع طبيعة المجتمع وسبل وقايته من هذه الجرائم المستشرية المتعاظمة اثاراها على مصالح الافراد واستقرار المجتمع.